Friday, March 16, 2012

193) أنــا طــيــر فـي الســــما



السكون يخيم على الغرفة الكل صامت ينظر بأسى لهذا الشيخ الجميل الممدد على فراشه .. وهو الوحيد المبتسم بالغرفة حزيناً من أجلهم ومر الليل بثقله وجاء النهار ليعلن رحيل الشيخ الجميل عنهم ..

 في خطى متثاقلة تضع رفيقته المفتاح فيدخل الجميع الى المنزل بعد أن ودعوا أباهم الحبيب وتركوه في مثواه الأخير .. لا ينبس أحدهم بكلمة وكأنهم هم الأموات وهو الحي في قلوبهم ..

لحظات تمر ودقات الساعة يسمع صوتها في ذلك السكون الذي يفرضه الحزن وأفراد الأسرة متفرقون في أنحاء المنزل والكل عينيه مصوبة تجاه غرفة والدهم وكأنه سيرجع لهم ويخرج عليهم من بابها ليلقي تحية الصباح مبتسماً كعادته .

 ظلوا كذلك مدة حتى انتبهوا على صوت نقرات على زجاج نافذة .. اصغوا السمع جميعاً ليتبينوا من أين يأتي الصوت .. إنه من غرفة والدي صاحت إحداهن .. تجمعوا في لحظة على باب الغرفة ليجدوا طائراً صغيراً أبيض اللون ينقر على زجاج نافذة الغرفة ...وكأنه يستأذن للدخول ..
  أخذهم الإندهاش للحظات والطائر مستمر في طرقاته الضعيفة بمنقاره الصغير .. حتى أخذ المبادرة الأخ الأكبر وفتح له النافذة فدلف منها الطائر بسرعة ليطير داخل المنزل الكبير المتسع ويبدأ بوسط المنزل ثم أخذ يحلق فارداً جناحيه ودخل كل الغرف حتى غرفة اعداد الطعام لم يترك ركناً في المنزل لم يطوّف به ..

 ثم عاد بهدوء لغرفة الوالد والكل يقف مشدوها لا يتكلمون ودموعهم تنحدر ببطء على وجوهم  واستقر الطائر قليلا فوق خزانة الملابس والكل لا يحيد ببصره عنه ونظر لهم بحنو وكأنه يستأذنهم في الرحيل كما استأذنهم في الدخول .. فنظروا لبعضهم البعض ولم يحاول أحدهم أن يغلق النافذة وابتسموا رغم الحزن ..ففرد  الطائر جناحيه وحلق صوب السماء  .. جاء ليودعهم للمرة الأخيرة ويودع بيته وسكنه ورفيقته وأولاده .. ودع  كل ركن من أركان بيته الفسيح .. ورحل ... بعد أن فتح لهم  النافذة ليتنسموا عبير الحياة .. وليطمئنوا أنه سيظل دائماً 

طيراً في السماء .