Sunday, June 24, 2012

196 ) مواطـن مـن الــدرجة الأولـــــى

مواطن من الدرجة الأولى 

لطالما شغلني ذلك التعبير . كنت أجد فيه تلخيصاً لأحزاني كلها 

منذ كنت فتاة صغيرة جدا وجدتني يتيمة وكنت أشعر أني دائماً وابداً في كل   الأماكن أعامل وكأني مواطن من الدرجة الثالثة لأني بلا أب ...وكأني فاقدة 
لإحدى حواسي

العلم 


لذا كنت أحاول جاهدة أن أكون لست الأفضل دراسيا وفقط ولكن متفردة وفوق كل توقعات وطموحات مدرسيني عل ذلك ينقلي لمصاف مواطن من الدرجة الأولى وكنت الأذكى بلا منازع في التفوق الدراسي على مستوى المدرسة بأكملها .. ولكني لم أصبح مواطن درجة أولى فعلى الرغم من حب مدرسيني ولكنهم كانوا ينسونني بمجرد غلق الكراس ودخول العطلة الصيفية أو انتقالي لمرحلة اخري بعيدا عنهم .. وجدت أبناؤهم وأزواجهم وعائلاتهم هم مواطنوا الدرجة الأولى في قلوبهم 

العائــلة 


لذا اتجهت بدوري لعائلتي بحثت عن قلب أمي كثيرا ولكنه كان فيه مواطن واحد درجة أولى وليس لغيره مكان وهي أختي الوسطى شبيهة أبي ... حتى إخوتي لم أصل لهم .. فبحثت عن مكان في الدرجة الأولى عند أقاربي جاهدت الحياة لأصبح إنسانة افضل أكثر ثقافة وعلم وفهم  وخلق .. كنت أتابع أعياد مولدهم واهتم كثيرا لأمور حياتهم لأساندهم وأعلم الأصغر منهم فنون الحياة واساعدهم على قهر عوائقها ولكن مع مرور الزمان عندما كونوا عائلات لهم ووصلوا لبر أمان . وجدت أني لست أكثر من مواطن درجة ثالثة لديهم بعد أولادهم وآبائهم ..
فكرت فقلت متى سأكون مواطن درجة أولى ..

الحــب 


 نعم عندما أتوج ملكة على عرش قلب رجل يحبني .. فعهدت نفسي كأجمل النساء وأكثرهن جاذبية ..أن أكون إمرأة تعصف بكيان أي رجل إن أحبته ..ولكن حتى في الحب لم أحظ بلقب مواطن درجة أولى .. كان الطموح والعمل والمستقبل أهم 
يوماً كنت في طريق العودة لمدينتي مبتعدة عمن أحب ودلفت الى القطار الذي يأخذني مبتعدة عمن تصورت أنه يضعني في مصاف مواطن درجة أولى وتأكدت من رقم المقعد وحمدت الله أنه كان مفرد وجلست عليه والدموع لم تفارقني طوال الرحلة ومر مفتش القطار بعد فترة ليست بالقصيرة ونظر مطولا في تذكرتي ثم اعطاني اياها فدهشت عندما راجعتها ... نعم كنت أحمل تذكرة درجة تانية بنفس رقم المقعد ولكني دخلت خطأ لعربة الدرجة الأولى ولحسن حظي مع امتلاء القطار عن آخره لم يطالبني أحد بالرجوع لمقعدي ... :)) الآن فقط وبعد ما يقرب من عشر سنوات انتبهت لشئ كان هناك شاب يقف بجوار صديقه في الكرسي الذي أمامي ينظر لي طوال الرحلة وانا باكية .. من الواضح أني كنت أجلس على مقعده ومنعه أدبه ودموعي من مطالبتي بالرحيل من الدرجة الأولى والعودة 
لمكاني في الدرجة الثانية 

لم يكن مكاني بالدرجة الأولى 


يبدو أن السبب أنني أسرفت في ادخال البشر الى الدرجة الأولى بقلبي ..لذا أخرجت الجميع منها الآن كل الجميع كل الجميع إن جاز التعبير لغويا 
ما سكنت قلبا كنت فيه يوماً مواطن من الدرجة الأولى .. بينما جعلت قلبي سكناً لمواطنين من الدرجة الأولى

احترت عقلاً وقلباً كيف أكون مواطن من الدرجة الأولى ؟؟
تذكرت كلمات صديقة لي بأن الله إن أحب أن يصطفى عبداً جعله وحيداً حتى يستأنس بالموجود والباقي وحده ولا يشرك في قلبه حباً لغير الله 
فكثرة الابتلاء قد تنقلني لمصاف مواطن درجة أولى ولكن عند الله

مازلت أحاول في طريقي لحب الله أتعثر وأعود واجاهد 

لكني ياربي وكما تعلم خلقت على الأرض من طين وماء .. أحتاج أن اكون مواطن درجة أولى في الأرض يوماً ... فيساعدني 
.حتماً أن أكون مواطن درجة أولى أيضاً في السماء 

قرأت خطاب كتبته ولم أرسله واحتفظت به يوم الجمعة 26/11/2008  مماثل لتلك التدوينة من حوالي ثماني سنوات ... وكلماتي لم تتغير 
متى يفتح لي الباب يارب تقبلني بمحض عفوك وكرمك واغنن عن الناس 
يارب 


قـل لـمـن يــحـمـل الـهــمــوم 
إن هـمـك لــن يــدوم 
مـثــلـمــا تـــفــنـى الســعـادة 
هـــكـذا تــفـنــي الــهــمــوم 

إمضاء 
مواطن درجة تالتة 
سعيدة أني استطعت مشاركتكم كلماتي وجرأت على ذلك 
من غرفة الصالون ..هنا الاسكندرية 


Saturday, June 2, 2012

195) قلب معلق بالمساجد


أحلامي كانت ومازالت بسيطة جداً .. كنت دائماً أتمنى أن أصعد لمئذنة جامع أي جامع وكل الجوامع وكلما دخلت مسجداً كنت أسأل العامل فيه هل من الممكن أن أصعد للمئذنة ودائما تكون الاجابة بكل حزم .. ممنوع يا سيدتي . فأتراجع كسيرة الخاطر ولا أخاطر 

 احب في القاهرة مساجدها وآثارها الاسلامية وأتعجب أشد العجب من قاطنيها وبخاصة متوسطي الحال وفقرائها .. لم لا يزورون أماكنها السياحية من باب التسلية والترويح عن النفس ومن باب العلم  والثقافة والأكثر من ذلك .. من باب الشوق للقرب من الله بزيارة بيت من بيوته 

أذكر في الصف الخامس الابتدائي أستاذ رضوان .. رضوان الله عليه أينما يكون ..وهو يكلمنا في حصة التاريخ عن الدولة الطولونية وعاصمة مصر وقتها مدينة القطائع ومسجده المميز بالمئذنة المدرجة وكان يتكلم بشغف . رسخت في ذهني تلك المئذنة وتمنيت أن أراها يوماً ما .. ومرت السنون ومازال قلبي معلق بمسجد أحمد بن طولون 
وذهبت للقاهرة وزرت بعض المساجد وأضناني البحث وضللت الطريق في حي السيدة زينب ومشيت كثيرا مع ابنة خالتي حتى وصلنا لباب المسجد فإذا به يغلق لأنه مكان سياحي ورجعت كسيرة النفس بدون أن أدخله 
مرت حوالي ثلاث سنوات أو يزيد وسافرت للقاهرة ووجدت مكالمة هاتفية من صديقة جميلة الملامح القلبية تشجعني لزيارة المسجد معي وبالفعل ذهبنا وسرقنا الوقت بزيارة اماكن اخرى وعند وصولنا لباب المسجد قيل أنه موعد الاغلاق... للمرة الثانية 
سبحان الله أطرق باب بيت الله ولكنه يغلق أمامي ولكني لم أمل من الطرق على باب الله فما لي رب سواه ولجئت ببابه وقبلني .. نعم ذهبنا في اليوم التالي لزيارة مسجد ابن طولون :) 
ونحن نخطو للمسجد وجدنا باب آخر فتح أمامنا فسألـنا عنه فقيل لنا هذا مسجد آخر ملاصق لإبن طولون فقلت لمن معي لندلف اليه ونصلي فيه ركعتين ونخرج فهو مسجد صغير نسبيا .. ودخلنا لنصلي فيه لحظات من أمتع ما يكون كانت هناك مجموعة من النسوة يتدبرن القرآن وأعطونا شئ من الحلوى وشربنا من الماء هناك وعند خروجنا ألتقطت بعض الصور للمسجد فوجدته يناديني 
:يا بنيتي 
نعم يا سيدي 
من أنت ؟ هل أنت دارسة للآثار الاسلامية 
لا 
هل أنت صحفية أو تدرسين بكلية السياحة؟
لا يا سيدي لماذا ؟ أنا أحب أن أكون  ممن قال الرسول صلى الله عليه وسلم عنهم " سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله .. رجل قلبه معلق بالمساجد  .. يعلم ربي أن قلبي دائماً وأبداً معلق بالمساجد وبخاصة القديمة منها فكم عاصرت من شخصيات أحبت الله وكم كانوا أقرب لله منا وأتمنى أن ألتقيهم يوماً ما . وكم من علم درس هنا . وكم من جميل الصوت قرأ القرآن هنا .. أشعر أن الملائكة تستأنس بهذه الأماكن وأستأنس أنا بها 
هذا مسجد صرغتمش يا ابنتي ثم دعى لي كثيراً 

كم أحببت هذا الشيخ ونظرة الرضا في عينيه لأنه يرى من يزور مساجد الله قرباً لله 
إذا قرأ أحدكم كلماتي وذهب يوما لهذا المسجد ووجد هذا الشيخ لن تخطئوه هو بنظارته ولحيته البيضاء أقرءوه مني السلام 

ودعت الشيخ الجميل وفي طريقي للخارج وبدون مقدمات وجدت سيدة تقول لي : إذا أردت صعود المئذنة اطلبي من خادم المسجد ولا تخبريه عني 
تعجبت من أين عرفت حلمي واشتياقي لذلك !! عجبا 
بحثنا عن خادم المسجد فلم نجده فرءانا شخص وسأل عن حيرتنا فسألته ألنا أن نصعد المئذنة ؟
نعم سانادي عليه ؟
ربي سأصعد لمئذنة وليست أي مئذنة إنها شاهقة الطول وجميلة :) 
وصعدنا انا وصديقتّي كات كل سلمة على الاقل ٢٠ سم أو يزيد ووجدنا انفسنا نصعد ثلاثة طوابق كل طابق مكون من عدة حجرات كأنه منزل كبير .. حتى وصلنا لسطح كبير وبدأنا الصعود للمئذنة 
صعدت مكبرة الله أكبر وقمت بعد كل الدرجات كانت حوالي ٧٤ درجة وهناك شرفتين في المنتصف حتى وصلنا للأعمدة الرخامية ونظرنا للقاهرة 
الله أكبر 
هي فعلا قاهرة لا تشعر الا بعظمة هذا الدين وعظمة أهله ومن بنى ذاك المسجد وتلك المنارة التي تقف عليها وانت ترى جامع أحمد بن طولون وترى القلعة أمامك شامخة ومنطقة خضراء أفادت صديقاتي أنها حديقة الأزهر 
أعتقد أني دعوت لمصر في تلك القمة وساءني أني نسيت أن أدعو لنفسي هناك .. 
الله أكبر .. وددت أن أرفع صوتي بالأذان هناك لولا أنه قد يستغرب من البعض ولولا أني أمرأة لكنت فعلتها ولم أبال 
أتمنى أن يرفع الأذان من فوقها عوضاً عن مكبر الصوت أو يوضع فوقها أعتقد سيشعر المؤذن بشعور مختلف تماما إن أذن وهو على هذا الارتفاع 

نزلنا مسبحين فرحين بتلك التجربة 
في طريقنا لمسجد أحمد بن طولون وجهتنا الأصلية 

اذهب وكبر وزر بيوت الله ستجد راحة شديدة تسكن قلبك ستشعر أن الدنيا بما فيها لا تساوي لذة القرب من الله وكيف تكون أقرب الى الله 
الا إذا دخلت بيته

"إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين "
 سورة التوبة آية ١٨
حتى نلتقي مع مسجد آخر .. رزقكم الله حب بيوته وشملكم في رحابه 
تحياتي