Tuesday, April 10, 2012

194) إبتسام



كانت إبتسام تتجول بالمنزل ودموعها لا تفارقها وكانت أمها تتساءل لم كل هذا الحزن ؟ 

 أي بنية لم كل هذا الحزن لم لا تتوقف دموعك كل هذا لأنك تركت العمل سيعوضك الله بما هو أفضل لا تقلقي 
تنظر لها صامتة وتجاهد لتكبح دموعها في مآقيها وتمضي بلا كلام 

وتمر الأيام وتختفي بسمتها وتدفن في مقابر دموعها والأم تراقب ابنتها تذبل وتبتعد عن الحياة رويداً رويداً وهي عاجزة عن التصرف 

لنخرج بنيتي لزيارة خالتك المريضة قد خضعت لعملية بسيطة في العين .. محدثة  نفسها (علك تخرجي من عزلتك  )و
انصاعت لطلب والدتها طمعاً في رضاها وارتدت ملابسها 

أهلا بكم  كيف حالك يا ابتسام 
تجيب خالتها بابتسامة واهنة سرعان ما تمحى عن ثغرها 

شاردة هي ... دقائق وتنحدر الدموع على وجهها 

  ما بك يا بنيتي ؟ الخالة متسائلة بلهفة .. لم نعتد منك إلا الابتسام
وتلحظ الأم الدموع في عيون أختها 
توقفي يا ابتسام .. إن عين خالتك لا تتحمل الدموع الآن وانت تعرفين رقة قلبها ستبكي معك .. بالله عليك توقفي 
عذراً خالتي .. قالتها ابتسام وهي تقف .. فلنرحل يا أمي 
ولكنكم وصلتم للتو ؟

تخرج ابتسام ووالدتها .. والأم تتساءل لم كل هذا الحزن ؟ لم كل هذا الحزن ؟

وفي الطريق تعاود الأم السؤال .. بنيتي أريحي قلبي لم أنت حزينة .. أفإن مت فماذا تفعلين أهناك حزن أشد من ذلك ؟ 
تظل ابتسام صامته وتجيب عنها دموعها 

وتمر الأيام وتضعف عين ابتسام وتذهب للطبيب 

يا بنية ليس بقوة ابصارك شئ ..ولكنك من شدة البكاء اضعفت عينيك .. ساكتب لك مقويات ولكن عليك أن تتوقفي عن البكاء وترجعين للإبتسام 

وظلت ابتسام حبيسة فراشها ... ودموعها هي ملاذها الوحيد ولا تخرج عن صمتها 

سمعت ابتسام آذان المغرب يتردد فذهبت لإغلاق النوافذ عملا بسنة الحبيب المصطفى داعية الله عز وجل " اللهم هذا اقبال ليلك وادبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لي يا  أرحم الراحمين"...                               لكنها رأت يمامة بنية اللون تقف على  سور الشرفة صامتة لا تحرك رأسها .. حاولت ابتسام اغلاق الباب الخشبي للشرفة برفق لكي لا تزعج اليمامة الرابضة في سلام وأغلقت الشرفة وذهبت للنوم .. جافاها النوم فقامت ونظرت من بين فتحات الباب الخشبي وعجباً وجدت اليمامة في مكانها لم تتحرك .. وسمعت أذان الفجر ينادي 
للصلاة وجاءت والدتها 
امازلت مستيقظة من البارحة ؟
ذهبت الأم لتفتح الشرفة ليستقبلا معا أول شعاع للفجر ونسماته 
 بهدوء يا أمي .. هناك يمامة ترقد على سور الشرفة ... كانت تلك أول الكلمات التي ترجع بها الى الحياة 

مرت ثلاثة أيام على هذا الحال تأتي اليمامة مع أذان المغرب وغروب الشمس وتظل جالسة في سلام حتى يشرق معها الصباح ثم ترحل في هدوء .. حتى أنها لم تكن تجفل من فتح الشرفة أوغلقها وكانت ابتسام تطمئن لوجود اليمامة وكأنها جاءت لتواسيها وتطمئن عليها .
ولكن الأم استبدت بها الهواجس والخوف وعندما اطمأنت لنوم ابتسام ذهبت لمكالمة 
ابنة خالتها وصديقتها استيقظت ابتسام وترامي الى مسامعها هذا الحوار

نعم بنيتي عليك أن تحضري 
لا ليس بعد اسبوع اليوم.. رجاءاً اليوم 
صديقتك ستموت ان انتظرت اكثر من هذا .. ستموت ابتسام .. ستموت 

رق قلب ابتسام لللوعة التي أحستها في صوت والدتها .. لقد سعت أمها طلباً للغوث من صديقتها .. تخيلت أن وجود اليمامة نذير على رحيل روح من المنزل كما مر بها من قبل ..عندما فسر البعض أن الطائر الصغير الذي زار منزلهم بعد وفاة والدها هو روح الوالد .. خافت الأم أن ترحل ابتسام كما رحل والدها.. 

هدأت الأم بعد عدة أيام قليلة عندما طمأنتها جارتها  أن اليمامة قد تكون روح والد ابتسام المتوفى جاءت لتطمئن عليها وأن ذلك ليس بنذير رحيل ابتسام .

تحاملت على نفسها وعادت ابتسام ترسم الابتسامة على وجوه الآخرين رحمة بأمها 
ولترجع لأمها ابتسامتها التي غابت مع غياب ابتسام 
ولكن الأم لم تدرك أن مع موت الحب في قلب ابنتها قد مات عنها الإبتسام