Saturday, June 15, 2013

203) ســكة ســفــر



أذهب مسرعة لمكتبي .. أعبث في أوراقي .. نعم نعم .. لأني على سفر 

كلما عزمت على السفر أجد أول ما أبحث عنه أوراقي وأي كتاب لن أقرأه سآخذه معي وأدعيتي حتى وإن كنت في إدبار من الايمان .ثم  ألملم بقية أشيائي التافهة من عطر لا أضعه لمستحضرات تجميل لا أتقن استعمالها :) .. نعم نعم
كلما سافرت أشعر وكأني لن أعود فأستعد لذلك ثم أحضر ملابسي وهي أهون شئ في تجهيز " شنطة سفري" ...دائماً وأبداً آتي متأخرة 
  .. عن مواعيدي خاصة مواعيد السفر حتى أنني       في الغالب ألحق بالقطار وهو يتحرك.. أبقى مستيقظة طوال الليل حتى يبزغ الفجر وأتم تجهيز شنطة السفر وكلما فعلت أتذكر أغنية أنغام .. لسه ناوي على الرحيل .. تفتكر مالهوش بديل
في معظم أسفاري أسافر لأكسر روتين حياتي وأحاول أن أكون في صحبة مختلفة أريح بها عقلي من التفكير قليلا
أذهب للقطار اليوم في زمن الاخوان وأنا خائفة لأول مرة .. كنت أسافر منذ كان عمري 14 سنة أو أقل من الاسكندرية للمنصورة تضعني أمي في الأتوبيس ويتسلمني زوج خالتي في المنصورة وعندما كبرت قليلا كنت اسافر واعود بلا عناء  اليوم اسافر وترى أمي أني ألقي بنفسي الى التهلكة حيث أن القطارات غير مضمونة ومواعيدها غير معروفة وهناك أزمة بنزين طاحنة في المنصورة ولكني اريد ان اخرج عن حياتي الرتيبة ولو لبضعة ايام حتى وان كانت السفرة الاخيرة لي فلم يعد هناك شئ يهم .. تمرد كان أو تجرد 
ولكن الأحزان والأفكار تسافر معي فمتى تسافر عني ؟ 
متى أنعم بوحدتي بدون أحزان ؟ 

أصبحت خبيرة في ترتيب شنطة السفر ولو أني أتوق لسفر لا رجوع بعده ..أستند برأسي للنافذة وأظل أنظر للطريق بلا ملل وكلما مررت على قرية أدعو لأهلها بالرزق وصلاح الأمر وكلما مررت بالمقابر أقرأ الفاتحة لأهلها كما علمتني أمي وأظل أراجع أنواع الزروع وكأن صوت أمي يذكرني هذا أرز وذاك كرنب وهذا كذا وهذا كذا .. وهذا صديقي اللذيذ أبو قردان كنت حزينة أنه اختفى من الحقول في فترة ما من عمري ولكنه عاد مرة أخرى تراه ناصع البياض يجري بخفة فتشعر بالأمل يعود لقلبك 

كنت أحب المنصورة فيما مضي والسفر عموما ولكني اصبحت أكثر ارتباطاً بالبحر وكأنه ملجئي ألقي فيه أحزاني .. النيل مختلف عنه فهو هادئ لونه قاتم ترى جانبيه فهو محدود بعكس البحر 

أحيانا اتعجب أن يتواجد الانسان في اول النهار بمكان وفي آخره بمكان آخر قد يكون قارة أخرى بيت آخر أناس آخرون قد تتبدل حياتنا في سويعات قليلة وقد تبقى مريرة لأعوام 
كانوا يقولون أن السفر قطعة من العذاب ومشقة ولذا ندعو في السفر .. كنت أراه متعة ونعمة ولكن مع سكك حديد مصر وما يصاحبها من تأخير في المواعيد وحشرات بالقطارات عرفت معنى أن السفر أصبح بالفعل قطعة من العذاب 

مضى بي الوقت ولم أتم تحضير شنطة السفر 

من الاسكندرية أحييكم 
سماح نصر