Monday, July 22, 2013

207) حوليات



حنين .. حنين .. حنين            أنا دايبة فيك حنين 

كلما سمعت كلمة حنين تذكرت صوت الجميلة وردة الجزائرية وهي تشدو بأغنيتها الرقيقة الناعمة .يتصادف اليوم يوم مولدها . 

ما هو الحنين ؟ 

أعتقد أن الحنين شعور حزين يذكرنا بماض فارقناه .. بذكريات جميلة . ولكنه يعني أننا نعاني حاليا ولا نسعد بواقعنا لذا نحِن لشئ مضى وانقضى زمنه . ونشعر بالحنين عندما نرهق من واقعنا ونحاول أن نفكر قليلا في شئ أسعدنا سابقاً فنحِن إليه . 

أنواع الحنين ؟ 

في رأيي الحنين له أنواع عديدة فهناك حنين لأماكن بعينها وحنين لأشخاص وحنين لأوقات مرت بالحياة وحنين لحالة شعورية وحنين لعطور وأغاني . كل ذلك الحنين عبارة عن روابط ذهنية للسعادة :) نحن في النهاية نحِن للسعادة .

هل الحنين شئ جيد أم سيئ ؟ 

وعايزنا نرجع زي زمان ... قول للزمان ارجع يا زمان 
في رأيي هو سيئ لأنه يدعو للحزن ففي الغالب قطرة النهر لا تأتيك مرتين فنحن نحِن لما لا نستطيع توفيره حالياً مثل الشباب .. ألا ليت الشباب يعود يوماً .

أحن لأشياء كثيرة جداً في حياتي وهذا شئ يؤلمني حيث أني وكما صنفني صديق قال لي : هناك أناس يعيشون الماضي وآخرون يعيشون الحاضر والبعض يعيش للمستقبل .. أنت انسانة مكبلة بماضيك فليست لك حياة في الحاضر ولا أمل في مستقبل .

فكرت في كلماته كثيرا وجدت صديقتي تقول لي نفس العبارات تلومني أني مازلت مصاحبة لأحلام الجامعة التي أصبح تحقيقها ضرباً من المستحيل كأن يرجع العمر للوراء .. سمعتها من أمي مازلت تعيشين في ماضيك لن تبتسمي يوما إلا إن تركت الماضى وتركك وعشت للمستقبل . 

حنين حنين حنين .. أنا دايبة فيك حنين 

لا أريد أن أشعر بالحنين ثانية لا لشئ ولا لمكان وخاصة لا للأشخاص .

Sunday, July 14, 2013

206) ناظر المحطة 2

عليك بقراءة الجزء الاول .. القصة منشورة في مدونتي حوليات زمردية ولكن هنا البيت الأول لذا أحببت أن يحوي أفضل تدويناتي 



دخل سامر ونظر للمنزل بسيط للغاية ونظيف ومرتب له صالة متسعة في مواجهة باب المنزل الغرفة ذات الشرفة المطلة على المزارع وضوء القمر ينيرها بشكل ساحر .
تفضل أتريد الاغتسال أو الوضوء للصلاة قالها حامد باستحياء لضيفه خوفاً من ان يكون بيته دون المستوى .
سامر : نعم إن سمحت لي
حامد : هذه منشفة نظيفة إن احتجت اي شئ آخر فقط اعلمني .. وهذا جلباب لك لتبيت فيه الليلة أعتقد أننا في نفس الحجم وسيناسبك
سامر : أشكرك
ذهب حامد لتحضير العشاء وضع الفطير والعسل والقشدة وبعض أنواع الجبن والأته والزيتون ووضع العيش الفلاحي بالفرن قليلا ليسخن ووضع الشاي على النار .

سامر : فلنصل اولا ثم ناكل .. طبعا أنت الامام فلا يؤم الرجل في بيته .
وقف حامد وسامر استعداداً للصلاة ورفع حامد يده قائلاً الله اكبر .

بسم الله الرحمن الرحيم " الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح , المصباح في زجاجة , الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم "

كان يستمع سامر لصوت حامد الخاشع وجد نور الله في قلبه وكانه يزيح عنه ظلمة القلب ووحشته .

بسم الله الرحمن الرحيم " والضحى والليل إذا سجى ما وعدك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فاغنى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر واما بنعمة ربك فحدث "

قرأها حامد في الركعة الثانية واختنق صوته بالبكاء واتم الصلاة . وختمها بالذكر ودعى للأمة الاسلام ومن فيها ودعى لسامر .. كان سامر يتابعه وهو مندهش وفي حالة روحانية غابت عنه مع مدنية القاهرة وكثرة ترحاله في بلاد تغرب فيها الاسلام والايمان وكأن القرى خزائن الايمان على الارض . حتى أن الدمع زار مقلتيه من بعد غياب كيف قسى قلبه وابتعد عن الله لهذه الدرجة نعم كان يصلى الفروض ولكن ليس بتلك الروحانية ليس بذاك القرب من الله ليس بمثل هذا الخشوع .

تقبل الله يا أستاذ حامد  .. سامر مبتسماً
منا ومنكم يا أستاذ سامر .. حامد ضاحكاً

سامر : شعرت بك في صلاتك وكانك تستغيث بالله ولماذا اخترت تلك الآيات تحديداً ؟
حامد : الآية الاولى حفظتها عن امي رحمة الله عليها كانت كأنها تناجي ربها أشعر عندما اقراها ان ظلام أحزاني يتبدد قليلا أمام نور كلمات الله .
سامر : وصورة الضحى لقد اختنق صوتك فيها بالبكاء فلم ؟
حامد : الليل وحدتك فيه أشد من النهار ووطأتها عليك جد ثقيلة فأحاول أن أتمسك بأن الله معي وبأن الآخرة أهم وأولى باهتمامي وبأن يتمى وضلالي وحاجتي لله وحده وهو كفيل بأن يرضيني بأن يجعلني حامد .. ومرقت من عين حامد دمعة لم يستطع أن يردها .

حامد : هيا بنا إلى الطعام الآن J
سامر : ههههههه نعم الى الكوليسترول ألم تتخطى الاربعين 
حامد : هههههه ليس بعد ولكني على مشرفة منها
سامر : الطعام طيب للغاية والشرفة ونسمة الهواء هنا نعمة .. الحمد لله كم انا مستمتع بالحوار معك والجلوس في بيتك
حامد : ولكن البيت خال والنعمة الدائمة تعتاد عليها فلا تشعر بها فأنا كل يوم أرجع لنفس المنزل نفس الشرفة أشعر وكأن البيت بكل أركانه بكل ما فيه من أثاث سعيد لوجودك وضحتك .. حتى الطعام لا آكله وانا وحدي الوحدة تقتل الابتسام فينا تقتل حتى أمانينا .
سادت لحظات من الصمت وخيم الحزن على الأجواء ودمعت عينا حامد .. في لحظة سمعوا دقاً ضعيفاً على الباب قام حامد وفتح ... إنه كريم إبن اختي هو سامر آخر J . دخل كريم ضاحكاً : عامل ايه يا خالو ؟
حامد : بخير كيف حالك انت
كريم : أفضل منك
وبصوت خافت من هذا الرجل يا خال ؟
حامد : هذا ضيف من القاهرة يدعى سامر
كريم : كيف حالك يا سيدي .. أين فطيرتي يا خال ؟
حامد : جهزت لكم كل شئ على الطاولة هناك يا كريم لا تنسى ان تغلق الباب عند خروجك سلم على امك واخوتك .

حامد موجها كلامه لسامر : كريم هذا أقرب أولاد أختي لي هو الأصغر والأكرم في مشاعره هم يعيشون في إحدى الدول العربية ويحضرون أجازة مرة واحدة في السنة يضيئون لي أيامي ثم يرحلون عني ويعود الظلام يخيم على منزلي .
سامر : كنت أظنك إنسان لا يعرف الدموع لأنك باسم طول الوقت .
حامد: ألم تسمع عن الاكتئاب الباسم أنا نموذج متجسد لتلك الحالة ( قالها بأسى بالغ )

أخذهم الحديث طوال الليل عن الحياة وعن عائلة سامر واولاده وعن العمل كان سامر يتكلم وحامد ينصت فحياة حامد قليلة تختصرها في جملتين ثابتة راكدة بينما حياة سامر مليئة بالأحداث والأشخاص والمعاني كان صوت ضحكاتهم كالألعاب النارية يضئ وجه السماء كان سامر خفيف الروح حلو الكلام كان كلامه يجعل حامد ينسى كل همومه ويضحك كما لم يضحك من قبل كان يرسم الابتسامة الحقيقية على وجه صاحبه بدون عناء .
أخذهم النوم وهم بالشرفة على الكنب البلدي حتى شق نور الصباح سحر الليل وبدده .

حامد : سيد سامر لقد أشرقت الشمس
سامر : حقاً كنت أتمنى ألا تنتهي البارحة ولا يبزغ الصباح كنت كأني في سكرة من السعادة في حالة لا أستشعرها مع أصدقائي بالقاهرة . شكرا لك يا حامد سوف أعاود الاتصال بك هذا أكيد وقد أحضر لزيارتك يوما ما .. ليس معي شئ أهديك إياه إلا هذا الكتاب هو عن أوجاع الوطن .
حامد : أشكر لك هديتك وأشكر لك حضورك وقضاء بعض الوقت معي وأشكر لك ضحكاتي التي نسيتها من زمن بعيد .

أفطرا على استعجال وكل منهما في حال مغاير للآخر فسامر يستعد لمعاودة حياته العامرة بعد مغامرة لطيفة وصحبة غريبة كسرت روتين حياته اليومية وأسعدته وجددت نشاطه . بينما حامد يتباطئ عله يطيل مكوث الضيف الأخير عنده دقائق قليلة و يرتشف قطرة أخرى من إكسير الحياة حياة الغرباء قبل أن يعود للموت على قدمين مرة أخرى .. كان يعلم يقينا أن سامر مثل باقي ضيوفه السابقين راحل بلا عودة ولن يتذكره أو يتصل به وحتماً لن يعود لزيارته لأنه لم يعد أحد الاحياء من قبله إلى بلد الموتى على قدمين .. لم يعد أحد من قبل ليعود هو .. لن يتبقى من سامر إلا تلك الوريقات هذا الكتاب كتاب أوجاع الوطن .

وصلا للمحطة وجاء كريم وقف بجانب خاله ليراه ويودعه قبل أن يرحل هو الآخر مع أسرته ..
سلم سامر على حامد مبتسما كله أمل وحياة واحتضنه حامد كما احتضن كريم إبن أخته مودعا كليهما ومودعا معهما الحياة .. ركب سامر القطار حتى أنه لم يلتفت برأسه لحامد وكان منشغلا بالرد على أهل بيته في الهاتف وكريم يقول لخاله : ألا تطلق صافرة رحيل القطار يا خال ؟
ألا تطلق صافرة الرحيل ؟
احتبست أنفاس حامد وهو يقرب الصافرة من فمه ليطلقلها إيذانا برحيل آخر قطار اكسبريس برحيل آخر رشفة من اكسير الحياة الذي كان يحمله له الغرباء برحيل سامره الأخير .....

تذكر أن تحمد الله .. تذكر يا بني
وأطلق صافرة الرحيل وتحرك القطار مبتعداً عن حامد الذي لم يسافر يوماً خارج بلدته ذلك الطفل الصغير الذي كان نابغاً في دراسته وظن أنه سيخضع الدنيا بما فيها لإرادته .. ذاك الشاب الذي عرف كل اصناف الحزن وألوانه .. ذلك من يرحل عنه شبابه بلا عائلة بلا تاريخ ...
يحمد الله أنه ميت على قدمين بيده كتاب اوجاع الوطن .

تلك القصة إهداء لآخر مسافر على الطريق 
تحياتي 

سماح نصر 

Saturday, July 13, 2013

205) ناظر المحطة





كل صباح كان يجري حامد بعد المدرسة ليقابل والده شاكر في عمله .. كان والده ناظر المحطة والكل يعامله بود واحترام وكان في بعض الأيام يرى عنده ضيوف من بلاد اخرى ومن محافظات اخرى .. أحيانا كان يعود الوالد للمنزل محملاً بهدايا من بلاد بعيدة وعندما كان يسأله عنها كان يقول له أن أحد رواد المحطة جاء وانتظر عنده وأعطاه هدية . كان دائما يتذكر مدى البشر والسرور الذي يرتسم على وجه والده كلما جاءه غريب وتبادل معه الحديث وكأنه إكسير الحياة.

مرت الأيام وتوفى الوالد وسعى حامد للعمل ليساعد أسرته على المعيشة أعانه أصدقاء والده وتم تعيينه في نفس المحطة .. محطة القطار .

كانت محطة جانبية في قرية صغيرة لم تكن على طريق القطارات ولكن عند حدوث عطل في الطريق كان يتم تحويل القطارات القادمة من كل الأماكن لها حتى يتم الاصلاح . لذا كانت حركة قطارات الاكسبريس بها قليلة للغاية وعلى فترات بعيدة ..كان حامد قارئ جيد لأدب الرحلات كان يحب الترحال وكان دائما يتمنى أن يسافر بعيداً ويرى الدنيا التي كان يحكي والده عنها وكان يتعجب أن والده لم يغادر القرية ولم يسافر يوما وظل بجانب أسرته حتى رحل عن الدنيا كان دائماً يتمنى أن يزور بيت الله الحرام ومسجد النبي ولكنه رحل بدون حلمه .

ومرت سنوات وأصبح حامد ناظر المحطة وقد تزوجت أختاه ورحلت والدته عن الحياة وأصبح وحيدا. كان الشئ الوحيد الذي يدخل السرور على قلبه أن يدخل المحطة قطار اكسبريس وينزل منه بعض المسافرين لحين اصلاح العطل .. البعض منهم كان ينقل له أحاديث عن سفراته والبلاد التي زارها وقد يعطيه كتاب أو اي شئ للذكرى من حسن ضيافته .. في الغالب المسافر الذي يترجل من القطار يكون دمث الخلق وإجتماعي وباسم وضحوك كانوا ينقلون له إكسير الحياة فيتمسك بها لبعض الوقت عله يوماً يستطيع مثلهم أن يسافر ويسبر غور الأماكن والايام ولكنه دوماً في مكانه لا يبرحه . كان دائماً يتذكر كلمات والده : أي بني لقد سميتك حامد لتحمد الله دائماً كلنا نتمنى حياة أفضل وعيشة ارغد ولكننا لا نعلم أين يكون الخير قد تضيق بنا الحياة لنسعى لرحب السماء ونلجا لله لذا كن دائماً حامداً لما أعطاك الله .
كلما ضاق حامد بحياته كان يتذكر تلك الكلمات ويحاول أن يتمسك بها وأن يحمد الله .

وفي يوم من الأيام حدث عطل كبير في خط السكة الحديد وجاءه اتصال بتحويل قطار النوم المتجه لأسوان إلى بلدته الصغيرة وقيل له أن الطريق سيتم اصلاحه وفي نفس الوقت سيحول المسار وسيتوقف بعدها تحويل اي قطارات اخرى من قطارات الاكسبريس . ابتهج قليلاً لأن معنى ذلك مرور بعض الناس من المثقفين "إكسير الحياة" ولكنه اغتم كثيراً لأنها المرة الأخيرة . جاء القطار ونزل منه القليل من المسافرين والبقية انتظرت بداخل القطار ... اقترب منه بابتسامة جميلة رجل في الاربعينيات في مثل عمره تقريباً

وبدأه الحديث : مساء الخير
رد حامد : مساء النور يا فندم
أنا أدعى سامر وقد مللت من الانتظار بالقطار فهل تسمح لي بأن أجلس معك ونتبادل اطراف الحديث فمكانك جميل يكفي ما تراه من مساحات خضراء جميلة ممتدة أمامك .
حامد : أشرف بمسامرتك يا سيدي ولكن الشمس قاربت على الزوال وسأعود لبيتي هل تود أن تشاركني طعام العشاء قد يكون بسيطا حيث أني لا زوجة لي .
سامر : بالطبع يسعدني ذلك فما فائدة الانتظار بالقطار وإني اتوسم فيك شخص طيب وكما تعلم معرفة الناس كنوز J.
سامر : ليس لدينا بالقاهرة نصف ما تتمتعون به من جمال الطبيعة وهدوء الحياة هنا.
ابتسم حامد بحزن وقال : وليس لدينا هنا ثمن ما تعيشونه من حياة نحن موتى يتحركون على اقدام.
سامر : من الواضح أنك شخصية عميقة وتبدو وكأن لديك من الحكمة ما يوازي ضعف عمرك
حامد: ليتني كنت شخصية سطحية كنت استمتعت باللاحياة التي تصفها بالهدوء كنت رضيت بالموت على قدمين .. احياناً ألوم والدي الذي علمني قراءة الكتب وقراءة الناس . كنت سانعم براحة البال .

مر الوقت بين ناظر المحطة وضيفه القاهري وكلاهما يتحدث عن رؤيته للحياة وكان ناظر المحطة يسال ويترك لسامره المساحة ليستفيض في حكيه عما خبره من الترحال فهو سافر لبلاد كثيرة وأخذ يحدثه عن كل بلد واهلها وطبائع البشر وكان حامد احياناً يغلق عينيه ويسبح مع كلمات سامره في ملكوت الله وكأنه يسافر معه كان في قمة الغبطة والسرور بما يسمع ومر الوقت سريعاً وأسدل الليل ستاره عليهما وهما يتجاذبان اطراف الحديث .

حامد : القطار لن يعاود السير قبل الصباح وقد حان وقت عودتي للمنزل هل تتكرم وتأتي لنكمل الحديث عندي شرفة ترى منها ضوء القمر والليلة بدر ستجد الجو رائع ولك أن  ترى المزارع الخضراء من الشرفة أو اظل معك هنا .
سامر : إن لم يكن في ذلك ثقل عليك أكن لك شاكراً
حامد : ستكون والدي J ؟ فوالدي كان يدعو شاكر .
هيا بنا ستحل ضيفا عزيزاً على قلبي هههه أقصد على بيتي . سنذهب سيرا على الاقدام الجو لطيف والمكان قريب أم تحب أن تجرب وسيلة مواصلات جديدة ؟
سامر : ماذا تقصد ؟
حامد : هههههه التوك توك هل تعرفت عليه ؟
سامر : رأيت ما يشبهه في البلاد الأسيوية ولكن لا مانع فلنجرب النسخة المصرية

أشار ناظر المحطة لمحمد سائق التوك توك
محمد : اهلا يا استاذ حامد كيف حالك ؟ معك ضيوف من القاهرة
حامد : نعم يا محمد فلناخذه جولة ريفية بالتوك توك
محمد : سمعا وطاعة يا سيدي ضيوفك دائما يسعدونا
سامر : اشكرك ولكن الن نقع من هذا التوك توك
محمد : لا تخف يا سيدي إنه يحمل عددا اكثر من ذلك وأوزاناً اثقل لا تخف J
ركب سامر وحامد التوك توك ولم يتوقف سامر عن الضحك الهستيري طوال الطريق فهو لأول مرة يركب توك توك وتكاد رجله تلمس الأرض ويشعر أن حجر صغير كفيل بأن يقلب المدعو توك توك على الأرض وحامد ينظر له ويضحك ويقول لمحمد السائق ضيفنا من الفرنجة لم ير مصر المنحوسة الحقيقية نأسف لضحكه يا محمد .
محمد : دعه يضحك يا سيدي ساعة الحظ متتعوضش فكم في مصر من المضحكات المبكيات .
ظل محمد يدور بهم في ارجاء القرية وحامد يشير بيده لجميع سكان القرية ردا على تحياتهم وسامر يتعجب من حب الناس له .
سامر : أتعرف كل سكان القرية .. من الواضح أنك شخص محبوب جداً يكفيك كل هذا الحب لتعيش سعيداً .
حامد : أعيش حامداً ولكن سعيد هذا شخص آخر J سافر من زمن كان صديقا لي ورحل وبدا حياة علمية وعملية واجتماعية اما أنا فقط حامد ستفهم ما أقول متى وصلنا للمنزل .

وصلنا بسلامة الله ( محمد يقول سائق التوك توك )
حامد : شكرا يا محمد .. هاك اجرتك
محمد : لا يا سيدي أتعطيني اجر مقابل أن أسعدتني كم تسعد اهل القرية ولا تأخذ منا اجرة لذلك .
سامر متابعاً علاقة حامد بالجميع ومن داخله يغبطه على ذاك الحضور الطاغي له ومحبة الناس والابتسامة التي لاتفارق شفتيه ابداً .
 فتح حامد الباب ودخل وانار المنزل واشار لضيفه مرحبا بالدخول .
 يتبع ... الجزء الثاني افضل :)

Friday, July 5, 2013

204) فــي صـحــــتك يـــا وطـن


للرواية قصة سأحكيها يوماً ما . هي آخر ما قرأت وكما تعلمون أني أهتم بأدب التدوين لأني أجده الموجة الأدبية القادمة التي ستكتسح كل أنواع الأدب وتغير من نمط الأدب القديم بشكل عام وتفرض قواعد جديدة تحطم كل القيود التي كبلت الكتاب فيما سبق 

الرواية لكاتبها محمد الجيزاوي جاءت في ٢١٦ صفحة متوسطة الحجم بطباعة  ونوعية ورق جيدة للغاية مريحة للعين في قراءتها بلا أخطاء لغوية تذكر ما عدا بعض الكلمات الغريبة بعض الشئ ولكني لا أستطيع الجزم بمدى صحتها لغويا لذا تحية للمدقق اللغوي محمد عبد الغفار.  حصلت عليها من مكتبة ديوان بجوار مكتبة   الاسكندرية ب ٢٠ جنيه وأعتقد أنها تستحق حتى لو بيعت ب ٥٠ جنيه :) فبعض الكتب تندم على شرائها والبعض لا يهمك لو دفعت بعدد كلماتها نقود 
الرواية لدار ليلى للنشر والتي بالفعل تثبت في اختياراتها أنها تنشر لمن يستحق 

الغلاف لميار الشحات التي أبدعت فيه حقيقة فهو يلخص محتوى الرواية كاملا ببراعة فيكفي أن تنظر لذاك الشاب الذي هزمته الأيام فتحتار هل هو عجوز مسن أم شاب في مقتبل العمر وانحناءة ظهره التي تدل على انكساره وكأس الخمر التي تقترب  يده لها بدون معرفة مسبقة بينهما 

في صحتك يا وطن 

كم كان العنوان لافت للنظر آسر للقلب يوحي بالحزن وكم كان موفقاً للغاية الكاتب في اختياره تكاد تجد نفسك تردد كلما آلمتك أحوال الوطن هذه الأيام .. في صحتك يا وطن 
عندما تشعر بالعجز أنك لا تستطيع أن تغير من حال الوطن الذي يسكنك وتسكنه 

الاهداء " أهديها لوطن رحل لعله يهديني وطن يبقى " ز

من أجمل الاهداءات التي قرأتها فنحن نكتب لتكون كلماتنا لنا وطنا نسكن اليه وهذا صحيح لحد بعيد فالكاتب في رايي كفر بالوطن الأرض وجعل كلماته وطناً له 

قرأت الرواية على مرتين عندما بدأتها كنت أريد أن أنام ووجدتني أقاوم النوم لأنها أخذتني بعيداً وكأني أرثى لحالى مع كل كلمة فيها وكأنها تحكي أوجاع الوطن وكأن الوطن يستنجد بنا بينما نحن ننهزم أمامه 

الرواية بها من الحليات اللغوية الكثير ولو أن الكاتب لم يكن يحتاج لكل هذا الزخم من التعبيرات لأن حبكة القصة قوية لا تحتاج الى تزيين بكلمات قوية .. تجد في الرواية جمل كثيرة للإقتباس كل جملة حكمة تلخص مرار الأيام 
مثل :
" لا داعي للأسماء .. فبعض المارين بحياتنا يتركون ندبات وجراحا تغني عن ذكر أسمائهم " ز

جاءت الرواية في خمسة فصول هي محطات رئيسية تنقلك من حال لآخر بنعومة . الشخصيات محكمة المعالم وواضحة التركيب النفسي ومنطقية وتسلسل الأحداث وترتيبها سلس وغير مربك بينما المكان والزمان كان يحتاجا ذكر بعض التفاصيل لتستطيع أن ترى بعين الكاتب .أثناء القراءة تشعر وكأنك عاصم بطل الرواية وكأنك تتحرك بدلا عنه قد يكون لأن القصة تعبر عن معاناة كل شباب وشابات مصر 

القصة بها قصتي حب متوازيتين حب الوطن وحب القلب والقصتين يتركا جرحاً غائراً في القلب عند القراءة والنهايتين فيهما افتراق 

 حتى الجزئية التي وصف فيها التقاء الحبيبين حملت معاني أهم كثيرا من مجرد سرد لحظة عشق 
الرواية تجسد كيف يسحق الوطن أرواحنا ويحيل قلوبنا لصخور جامدة تفقد الاحساس من شدة القهر والظلم .. بعد قراءتي لتلك الرواية عزمت على محو كل من أساء لي كل قصة حب ارهقتني حزناً وألماً خفت على قلبي أن يتحول لصخرة عاتية لا ينبض بعدها أبداً 
القصة لو كانت مستندة لأساس واقعي فإني أكاد أجزم أن قلب كاتبها قد احترق حد التفحم ولا أمل أن يعود لينبض لحب وطن أو أنثى 
لم تبكيني رواية من قبل .. قد تكون دموعي من شدة القهر الذي يعانيه بني وطني وقد تكون دموعي لأني أصبحت أكره الوطن لم يعد لي وطن .. لم يعد لي وطن 

ألم أقل لك إنني إمرأة موعودة بقوافل الرحيل 

 كم آلمتني تزامناً مع الأحداث الحالية في ما كنت أسميه وطن قصة الشاب الذي حطمه الوطن فيها اعتقد انها حقيقية بشكل او بآخر وكتبت بدماء من عايشوها وليس بكلماتهم تلك القصة ان كانت واقعية فكل من عايشها سيبقى بداخله جرح يلعن بسببه الوطن كل يوم .. الحب عبودية في رأيي سواء للوطن أو لشخص والكل ببساطة لا يستحق .
الرواية تستحق أن تقرأ كل ما فيها ستجد نفسك حتما بين سطورها وفي أقسى معانيها 
ستجد ماضيك وحاضرك وأتمنى أن يغيب عما فيها مستقبلك 
في صحتك يا وطن