مواطن من الدرجة الأولى
لطالما شغلني ذلك التعبير . كنت أجد فيه تلخيصاً لأحزاني كلها
منذ كنت فتاة صغيرة جدا وجدتني يتيمة وكنت أشعر أني دائماً وابداً في كل الأماكن أعامل وكأني مواطن من الدرجة الثالثة لأني بلا أب ...وكأني فاقدة
لإحدى حواسي
العلم
لذا كنت أحاول جاهدة أن أكون لست الأفضل دراسيا وفقط ولكن متفردة وفوق كل توقعات وطموحات مدرسيني عل ذلك ينقلي لمصاف مواطن من الدرجة الأولى وكنت الأذكى بلا منازع في التفوق الدراسي على مستوى المدرسة بأكملها .. ولكني لم أصبح مواطن درجة أولى فعلى الرغم من حب مدرسيني ولكنهم كانوا ينسونني بمجرد غلق الكراس ودخول العطلة الصيفية أو انتقالي لمرحلة اخري بعيدا عنهم .. وجدت أبناؤهم وأزواجهم وعائلاتهم هم مواطنوا الدرجة الأولى في قلوبهم
العائــلة
لذا اتجهت بدوري لعائلتي بحثت عن قلب أمي كثيرا ولكنه كان فيه مواطن واحد درجة أولى وليس لغيره مكان وهي أختي الوسطى شبيهة أبي ... حتى إخوتي لم أصل لهم .. فبحثت عن مكان في الدرجة الأولى عند أقاربي جاهدت الحياة لأصبح إنسانة افضل أكثر ثقافة وعلم وفهم وخلق .. كنت أتابع أعياد مولدهم واهتم كثيرا لأمور حياتهم لأساندهم وأعلم الأصغر منهم فنون الحياة واساعدهم على قهر عوائقها ولكن مع مرور الزمان عندما كونوا عائلات لهم ووصلوا لبر أمان . وجدت أني لست أكثر من مواطن درجة ثالثة لديهم بعد أولادهم وآبائهم ..
فكرت فقلت متى سأكون مواطن درجة أولى ..
الحــب
نعم عندما أتوج ملكة على عرش قلب رجل يحبني .. فعهدت نفسي كأجمل النساء وأكثرهن جاذبية ..أن أكون إمرأة تعصف بكيان أي رجل إن أحبته ..ولكن حتى في الحب لم أحظ بلقب مواطن درجة أولى .. كان الطموح والعمل والمستقبل أهم
يوماً كنت في طريق العودة لمدينتي مبتعدة عمن أحب ودلفت الى القطار الذي يأخذني مبتعدة عمن تصورت أنه يضعني في مصاف مواطن درجة أولى وتأكدت من رقم المقعد وحمدت الله أنه كان مفرد وجلست عليه والدموع لم تفارقني طوال الرحلة ومر مفتش القطار بعد فترة ليست بالقصيرة ونظر مطولا في تذكرتي ثم اعطاني اياها فدهشت عندما راجعتها ... نعم كنت أحمل تذكرة درجة تانية بنفس رقم المقعد ولكني دخلت خطأ لعربة الدرجة الأولى ولحسن حظي مع امتلاء القطار عن آخره لم يطالبني أحد بالرجوع لمقعدي ... :)) الآن فقط وبعد ما يقرب من عشر سنوات انتبهت لشئ كان هناك شاب يقف بجوار صديقه في الكرسي الذي أمامي ينظر لي طوال الرحلة وانا باكية .. من الواضح أني كنت أجلس على مقعده ومنعه أدبه ودموعي من مطالبتي بالرحيل من الدرجة الأولى والعودة
لمكاني في الدرجة الثانية
لم يكن مكاني بالدرجة الأولى
يبدو أن السبب أنني أسرفت في ادخال البشر الى الدرجة الأولى بقلبي ..لذا أخرجت الجميع منها الآن كل الجميع كل الجميع إن جاز التعبير لغويا
ما سكنت قلبا كنت فيه يوماً مواطن من الدرجة الأولى .. بينما جعلت قلبي سكناً لمواطنين من الدرجة الأولى
احترت عقلاً وقلباً كيف أكون مواطن من الدرجة الأولى ؟؟
تذكرت كلمات صديقة لي بأن الله إن أحب أن يصطفى عبداً جعله وحيداً حتى يستأنس بالموجود والباقي وحده ولا يشرك في قلبه حباً لغير الله
فكثرة الابتلاء قد تنقلني لمصاف مواطن درجة أولى ولكن عند الله
مازلت أحاول في طريقي لحب الله أتعثر وأعود واجاهد
لكني ياربي وكما تعلم خلقت على الأرض من طين وماء .. أحتاج أن اكون مواطن درجة أولى في الأرض يوماً ... فيساعدني
.حتماً أن أكون مواطن درجة أولى أيضاً في السماء
قرأت خطاب كتبته ولم أرسله واحتفظت به يوم الجمعة 26/11/2008 مماثل لتلك التدوينة من حوالي ثماني سنوات ... وكلماتي لم تتغير
متى يفتح لي الباب يارب تقبلني بمحض عفوك وكرمك واغنن عن الناس
يارب