للرواية قصة سأحكيها يوماً ما . هي آخر ما قرأت وكما تعلمون أني أهتم بأدب التدوين لأني أجده الموجة الأدبية القادمة التي ستكتسح كل أنواع الأدب وتغير من نمط الأدب القديم بشكل عام وتفرض قواعد جديدة تحطم كل القيود التي كبلت الكتاب فيما سبق
الرواية لكاتبها محمد الجيزاوي جاءت في ٢١٦ صفحة متوسطة الحجم بطباعة ونوعية ورق جيدة للغاية مريحة للعين في قراءتها بلا أخطاء لغوية تذكر ما عدا بعض الكلمات الغريبة بعض الشئ ولكني لا أستطيع الجزم بمدى صحتها لغويا لذا تحية للمدقق اللغوي محمد عبد الغفار. حصلت عليها من مكتبة ديوان بجوار مكتبة الاسكندرية ب ٢٠ جنيه وأعتقد أنها تستحق حتى لو بيعت ب ٥٠ جنيه :) فبعض الكتب تندم على شرائها والبعض لا يهمك لو دفعت بعدد كلماتها نقود
الرواية لدار ليلى للنشر والتي بالفعل تثبت في اختياراتها أنها تنشر لمن يستحق
الغلاف لميار الشحات التي أبدعت فيه حقيقة فهو يلخص محتوى الرواية كاملا ببراعة فيكفي أن تنظر لذاك الشاب الذي هزمته الأيام فتحتار هل هو عجوز مسن أم شاب في مقتبل العمر وانحناءة ظهره التي تدل على انكساره وكأس الخمر التي تقترب يده لها بدون معرفة مسبقة بينهما
في صحتك يا وطن
كم كان العنوان لافت للنظر آسر للقلب يوحي بالحزن وكم كان موفقاً للغاية الكاتب في اختياره تكاد تجد نفسك تردد كلما آلمتك أحوال الوطن هذه الأيام .. في صحتك يا وطن
عندما تشعر بالعجز أنك لا تستطيع أن تغير من حال الوطن الذي يسكنك وتسكنه
الاهداء " أهديها لوطن رحل لعله يهديني وطن يبقى " ز
من أجمل الاهداءات التي قرأتها فنحن نكتب لتكون كلماتنا لنا وطنا نسكن اليه وهذا صحيح لحد بعيد فالكاتب في رايي كفر بالوطن الأرض وجعل كلماته وطناً له
قرأت الرواية على مرتين عندما بدأتها كنت أريد أن أنام ووجدتني أقاوم النوم لأنها أخذتني بعيداً وكأني أرثى لحالى مع كل كلمة فيها وكأنها تحكي أوجاع الوطن وكأن الوطن يستنجد بنا بينما نحن ننهزم أمامه
الرواية بها من الحليات اللغوية الكثير ولو أن الكاتب لم يكن يحتاج لكل هذا الزخم من التعبيرات لأن حبكة القصة قوية لا تحتاج الى تزيين بكلمات قوية .. تجد في الرواية جمل كثيرة للإقتباس كل جملة حكمة تلخص مرار الأيام
مثل :
" لا داعي للأسماء .. فبعض المارين بحياتنا يتركون ندبات وجراحا تغني عن ذكر أسمائهم " ز
جاءت الرواية في خمسة فصول هي محطات رئيسية تنقلك من حال لآخر بنعومة . الشخصيات محكمة المعالم وواضحة التركيب النفسي ومنطقية وتسلسل الأحداث وترتيبها سلس وغير مربك بينما المكان والزمان كان يحتاجا ذكر بعض التفاصيل لتستطيع أن ترى بعين الكاتب .أثناء القراءة تشعر وكأنك عاصم بطل الرواية وكأنك تتحرك بدلا عنه قد يكون لأن القصة تعبر عن معاناة كل شباب وشابات مصر
القصة بها قصتي حب متوازيتين حب الوطن وحب القلب والقصتين يتركا جرحاً غائراً في القلب عند القراءة والنهايتين فيهما افتراق
حتى الجزئية التي وصف فيها التقاء الحبيبين حملت معاني أهم كثيرا من مجرد سرد لحظة عشق
الرواية تجسد كيف يسحق الوطن أرواحنا ويحيل قلوبنا لصخور جامدة تفقد الاحساس من شدة القهر والظلم .. بعد قراءتي لتلك الرواية عزمت على محو كل من أساء لي كل قصة حب ارهقتني حزناً وألماً خفت على قلبي أن يتحول لصخرة عاتية لا ينبض بعدها أبداً
القصة لو كانت مستندة لأساس واقعي فإني أكاد أجزم أن قلب كاتبها قد احترق حد التفحم ولا أمل أن يعود لينبض لحب وطن أو أنثى
لم تبكيني رواية من قبل .. قد تكون دموعي من شدة القهر الذي يعانيه بني وطني وقد تكون دموعي لأني أصبحت أكره الوطن لم يعد لي وطن .. لم يعد لي وطن
ألم أقل لك إنني إمرأة موعودة بقوافل الرحيل
كم آلمتني تزامناً مع الأحداث الحالية في ما كنت أسميه وطن قصة الشاب الذي حطمه الوطن فيها اعتقد انها حقيقية بشكل او بآخر وكتبت بدماء من عايشوها وليس بكلماتهم تلك القصة ان كانت واقعية فكل من عايشها سيبقى بداخله جرح يلعن بسببه الوطن كل يوم .. الحب عبودية في رأيي سواء للوطن أو لشخص والكل ببساطة لا يستحق .
الرواية تستحق أن تقرأ كل ما فيها ستجد نفسك حتما بين سطورها وفي أقسى معانيها
ستجد ماضيك وحاضرك وأتمنى أن يغيب عما فيها مستقبلك
في صحتك يا وطن
4 comments:
تعليقك على الرواية لا يقل متعة عن الرواية نفسها
:) بقية التعليقات عنها جاءت في مدونة الحوليات ولكني وجدت انها مهمة أن استبقيها في المدونة الرئيسية
أشكر كلماتك سيدي وأتمنى أن أكون أنصفت الكاتب والكتاب وكل من ساهم في تلك القطعة الابداعية
تحياتي
Good review
يا مراكبي
:))))))))))))) متشكرين يا فندم
ولكن للحق الرواية هي الجيدة ولذا أصبغت على كلماتي من جمالها فظهر الراي كذلك
Post a Comment