Saturday, July 13, 2013

205) ناظر المحطة





كل صباح كان يجري حامد بعد المدرسة ليقابل والده شاكر في عمله .. كان والده ناظر المحطة والكل يعامله بود واحترام وكان في بعض الأيام يرى عنده ضيوف من بلاد اخرى ومن محافظات اخرى .. أحيانا كان يعود الوالد للمنزل محملاً بهدايا من بلاد بعيدة وعندما كان يسأله عنها كان يقول له أن أحد رواد المحطة جاء وانتظر عنده وأعطاه هدية . كان دائما يتذكر مدى البشر والسرور الذي يرتسم على وجه والده كلما جاءه غريب وتبادل معه الحديث وكأنه إكسير الحياة.

مرت الأيام وتوفى الوالد وسعى حامد للعمل ليساعد أسرته على المعيشة أعانه أصدقاء والده وتم تعيينه في نفس المحطة .. محطة القطار .

كانت محطة جانبية في قرية صغيرة لم تكن على طريق القطارات ولكن عند حدوث عطل في الطريق كان يتم تحويل القطارات القادمة من كل الأماكن لها حتى يتم الاصلاح . لذا كانت حركة قطارات الاكسبريس بها قليلة للغاية وعلى فترات بعيدة ..كان حامد قارئ جيد لأدب الرحلات كان يحب الترحال وكان دائما يتمنى أن يسافر بعيداً ويرى الدنيا التي كان يحكي والده عنها وكان يتعجب أن والده لم يغادر القرية ولم يسافر يوما وظل بجانب أسرته حتى رحل عن الدنيا كان دائماً يتمنى أن يزور بيت الله الحرام ومسجد النبي ولكنه رحل بدون حلمه .

ومرت سنوات وأصبح حامد ناظر المحطة وقد تزوجت أختاه ورحلت والدته عن الحياة وأصبح وحيدا. كان الشئ الوحيد الذي يدخل السرور على قلبه أن يدخل المحطة قطار اكسبريس وينزل منه بعض المسافرين لحين اصلاح العطل .. البعض منهم كان ينقل له أحاديث عن سفراته والبلاد التي زارها وقد يعطيه كتاب أو اي شئ للذكرى من حسن ضيافته .. في الغالب المسافر الذي يترجل من القطار يكون دمث الخلق وإجتماعي وباسم وضحوك كانوا ينقلون له إكسير الحياة فيتمسك بها لبعض الوقت عله يوماً يستطيع مثلهم أن يسافر ويسبر غور الأماكن والايام ولكنه دوماً في مكانه لا يبرحه . كان دائماً يتذكر كلمات والده : أي بني لقد سميتك حامد لتحمد الله دائماً كلنا نتمنى حياة أفضل وعيشة ارغد ولكننا لا نعلم أين يكون الخير قد تضيق بنا الحياة لنسعى لرحب السماء ونلجا لله لذا كن دائماً حامداً لما أعطاك الله .
كلما ضاق حامد بحياته كان يتذكر تلك الكلمات ويحاول أن يتمسك بها وأن يحمد الله .

وفي يوم من الأيام حدث عطل كبير في خط السكة الحديد وجاءه اتصال بتحويل قطار النوم المتجه لأسوان إلى بلدته الصغيرة وقيل له أن الطريق سيتم اصلاحه وفي نفس الوقت سيحول المسار وسيتوقف بعدها تحويل اي قطارات اخرى من قطارات الاكسبريس . ابتهج قليلاً لأن معنى ذلك مرور بعض الناس من المثقفين "إكسير الحياة" ولكنه اغتم كثيراً لأنها المرة الأخيرة . جاء القطار ونزل منه القليل من المسافرين والبقية انتظرت بداخل القطار ... اقترب منه بابتسامة جميلة رجل في الاربعينيات في مثل عمره تقريباً

وبدأه الحديث : مساء الخير
رد حامد : مساء النور يا فندم
أنا أدعى سامر وقد مللت من الانتظار بالقطار فهل تسمح لي بأن أجلس معك ونتبادل اطراف الحديث فمكانك جميل يكفي ما تراه من مساحات خضراء جميلة ممتدة أمامك .
حامد : أشرف بمسامرتك يا سيدي ولكن الشمس قاربت على الزوال وسأعود لبيتي هل تود أن تشاركني طعام العشاء قد يكون بسيطا حيث أني لا زوجة لي .
سامر : بالطبع يسعدني ذلك فما فائدة الانتظار بالقطار وإني اتوسم فيك شخص طيب وكما تعلم معرفة الناس كنوز J.
سامر : ليس لدينا بالقاهرة نصف ما تتمتعون به من جمال الطبيعة وهدوء الحياة هنا.
ابتسم حامد بحزن وقال : وليس لدينا هنا ثمن ما تعيشونه من حياة نحن موتى يتحركون على اقدام.
سامر : من الواضح أنك شخصية عميقة وتبدو وكأن لديك من الحكمة ما يوازي ضعف عمرك
حامد: ليتني كنت شخصية سطحية كنت استمتعت باللاحياة التي تصفها بالهدوء كنت رضيت بالموت على قدمين .. احياناً ألوم والدي الذي علمني قراءة الكتب وقراءة الناس . كنت سانعم براحة البال .

مر الوقت بين ناظر المحطة وضيفه القاهري وكلاهما يتحدث عن رؤيته للحياة وكان ناظر المحطة يسال ويترك لسامره المساحة ليستفيض في حكيه عما خبره من الترحال فهو سافر لبلاد كثيرة وأخذ يحدثه عن كل بلد واهلها وطبائع البشر وكان حامد احياناً يغلق عينيه ويسبح مع كلمات سامره في ملكوت الله وكأنه يسافر معه كان في قمة الغبطة والسرور بما يسمع ومر الوقت سريعاً وأسدل الليل ستاره عليهما وهما يتجاذبان اطراف الحديث .

حامد : القطار لن يعاود السير قبل الصباح وقد حان وقت عودتي للمنزل هل تتكرم وتأتي لنكمل الحديث عندي شرفة ترى منها ضوء القمر والليلة بدر ستجد الجو رائع ولك أن  ترى المزارع الخضراء من الشرفة أو اظل معك هنا .
سامر : إن لم يكن في ذلك ثقل عليك أكن لك شاكراً
حامد : ستكون والدي J ؟ فوالدي كان يدعو شاكر .
هيا بنا ستحل ضيفا عزيزاً على قلبي هههه أقصد على بيتي . سنذهب سيرا على الاقدام الجو لطيف والمكان قريب أم تحب أن تجرب وسيلة مواصلات جديدة ؟
سامر : ماذا تقصد ؟
حامد : هههههه التوك توك هل تعرفت عليه ؟
سامر : رأيت ما يشبهه في البلاد الأسيوية ولكن لا مانع فلنجرب النسخة المصرية

أشار ناظر المحطة لمحمد سائق التوك توك
محمد : اهلا يا استاذ حامد كيف حالك ؟ معك ضيوف من القاهرة
حامد : نعم يا محمد فلناخذه جولة ريفية بالتوك توك
محمد : سمعا وطاعة يا سيدي ضيوفك دائما يسعدونا
سامر : اشكرك ولكن الن نقع من هذا التوك توك
محمد : لا تخف يا سيدي إنه يحمل عددا اكثر من ذلك وأوزاناً اثقل لا تخف J
ركب سامر وحامد التوك توك ولم يتوقف سامر عن الضحك الهستيري طوال الطريق فهو لأول مرة يركب توك توك وتكاد رجله تلمس الأرض ويشعر أن حجر صغير كفيل بأن يقلب المدعو توك توك على الأرض وحامد ينظر له ويضحك ويقول لمحمد السائق ضيفنا من الفرنجة لم ير مصر المنحوسة الحقيقية نأسف لضحكه يا محمد .
محمد : دعه يضحك يا سيدي ساعة الحظ متتعوضش فكم في مصر من المضحكات المبكيات .
ظل محمد يدور بهم في ارجاء القرية وحامد يشير بيده لجميع سكان القرية ردا على تحياتهم وسامر يتعجب من حب الناس له .
سامر : أتعرف كل سكان القرية .. من الواضح أنك شخص محبوب جداً يكفيك كل هذا الحب لتعيش سعيداً .
حامد : أعيش حامداً ولكن سعيد هذا شخص آخر J سافر من زمن كان صديقا لي ورحل وبدا حياة علمية وعملية واجتماعية اما أنا فقط حامد ستفهم ما أقول متى وصلنا للمنزل .

وصلنا بسلامة الله ( محمد يقول سائق التوك توك )
حامد : شكرا يا محمد .. هاك اجرتك
محمد : لا يا سيدي أتعطيني اجر مقابل أن أسعدتني كم تسعد اهل القرية ولا تأخذ منا اجرة لذلك .
سامر متابعاً علاقة حامد بالجميع ومن داخله يغبطه على ذاك الحضور الطاغي له ومحبة الناس والابتسامة التي لاتفارق شفتيه ابداً .
 فتح حامد الباب ودخل وانار المنزل واشار لضيفه مرحبا بالدخول .
 يتبع ... الجزء الثاني افضل :)

2 comments:

يا مراكبي said...

الجزء الثاني افضل :)

هنشوف :-)

L.G. said...

ههههههههه شفت ايه افضل ولا لأ ؟