قميص نوم
فتحت الخزانة ووجدت انفاسهم تتناقص مع شدة
لهيب الحر . تذكرت عندما وقفت أمام خزانتها في الشتاء ووجدتهم يرتعدون من برد
المشاعر وقسوتها .
لم تشتر يوماً واحداً منهم جاءوا لها كهدايا بألوان زاهية كلها
حياة وفرحة كانوا يتراقصون في خزانتها كلما نظرت اليهم تجدهم يضحكون لها ويمنونها
بليالى ربيعية ..
مر عام يليه عام ثم مرت أعوام . كلما فتحت الخزانة وجدتهم حزانا
وكأن العمر يرسم خطوطه عليهم هذا ضاق بها وهذا تقطعت اوصاله وهذا إنطفا بريقه وشحب
لونه .. إنطفأت ضحكاتهم وسكن حتى أنينهم لم تعد تشعر بوجودهم إلا بأنفاسهم الأخيرة
معلنة موت الألوان فيهم.
فكرت أن ترتدي احدهم عسى أن يدب فيهم الأمل
بالحياة مرة أخرى ولكنها وجدت أنها حبيسة معهم في نفس الخزانة لن يراها أحد لن
يثنى على جمالها أحد . أعادته لمكانه وذهبت لتحلم بحياة غابت عنها .
في منامها رأت قميص منهم في أبهى صوره وحاولت
أن ترتديه فالتف حول جيدها يخنقها وكأنه محرم عليها ارتدائه ولو في الحلم .. ما
عاد لها حتى أن تحلم بارتدائه .
استيقظت فزعة .. فتحت الخزانة فكرت أن تمزق
كل منهم تقتلهم وتنهى انفاسهم الأخيرة بيدها . فناجاها ذاك المخملىّ كانت تفضله دائماً وتنتظر أن يشهد معها حكايات عشقها أن يسجل معها ضحكاتها ودفء أنوثتها وحنانها .
لم تستطع فقط تجمدت يدها كما تجمدت سنوات انوثتها . وضعت المقص من يدها وعادت
بهم لخزانتهم وأغلقتها على أن تتخذ قرارها في وقت لاحق .
قميص نوم فقدَ ضحكته وألوانه وافتقدت معه هى.. لياليها الربيعية.