كنت أسير مبتهجة كلي حماسة وتوهج في طرقات الجامعة حولى من الأصدقاء من لا أكاد أحصيهم عدداً ..كان الشباب دائماً يحلمون بالسفر خارج مصر لصعوبة المعيشة فيها وكنت كلي أمل وتفاؤل بأننا قادرون على التغيير وتحريك سوق العمل إن أردنا بل إنه لزاماً علينا أن نحاول أن ننهض بمصر ونخلق فرص العمل أياً كانت ..
هكذا كان حبي لمصر
كان نعم كان .. الآن أجلس في منزلي بلا حراك بلا صوت بلا بهجة بلا حماسة وببساطة أجدني أعلن ... وبصوت مكتوم ولكنه يصرخ بداخلي وحدي ........
فلتتوقف الحياة
نعم لا أحاول نهائياً أن أحيا ولا أستطيع ... لو بطلنا نحلم نموت ... نعم فلنموت .. فليموت كل من صاحبه الفشل والاحباط والاكتئاب واليأس من التغيير .. فليموت جيل السبيعينيات لكي لا يلحق به بقية الأجيال ..
فلتتوقف الحياة .. على الأقل حياتي أنا ..
كنت أشاهد فيلم عن حياة كوكو شانيل مصممة الأزياء وعلى الرغم من أن حياة الناجحين ليست كلها ورود وليست ممهدة ولكنهم يكافحون ويجدون حصاد ما يزرعون .. ولكن ليس في مصر .. أتألم لكل مخترع دفن اختراعه في دهاليز الحكومات وغباءه أنه يحب مصر فلا يستطيع أن يبيع اختراعه لدولة أخرى عسى أن يفيد بلاده .. كم شخص على هذا الحال مات أو جن عقله ؟
في مصر مهما حاولت لن تنجح إلا بقدر الله وفقط وليس نتيجة لعملك فالنجاح عندنا صدفة بحته لا تخضع لمقاييس الكفاح المعتادة
كنت في الثامنة عشرة من عمري أحلم ببيت وزوج محب وعدد من الأطفال لم أطمح يوماً لمجال العمل على الرغم من توقعات معلميني بأني سأكون إحدى علامات التاريخ في العلوم وكانوا يطلقون علىّ أسماء العلماء .. نعم كنت أحب مدام كوري ولكنها توفت في الثلاثينات .. وها أنا أقارب مغادرة الثلاثينات ومازلت في بيت أسرتي .. ومدام كوري أحرزت جائزتين نوبل
فلتتوقف الحياة
لن أحاول مرة أخري أن أبحث عن عمل ... لن أحاول أن أبحث عن رجل يستطيع حمل معنى الكلمة فالرجال انعدموا تقريبا في مصر هم خيالات تمشي بالشوارع هدهم الاحباط واليأس والذل لمرتب ضئيل آخر الشهر إلا من رحم ربي .
لن أحاول أن أحصل على قدر قليل من الحب .
الحب .. عن الحب أتكلم ؟؟
هنا تكمن المشكلة التي عصى علىّ التعامل معها .. كنت دائماً نبتة حب .. شخص ضعيف يرتوي بالحب ليقوى وكأنه يتحول بمجرد أن تسقيه إكسير الحياة في كلمة لمحة تصرف حب صامت ..
حرمت من كل أنواع الحب .. اليتم مبدا الفقد وأن تكون دائماً وأبداً محتاج للعطف من الآخرين ومهما بالغت في مظاهر قوتك المزعومة فإنك تعرف داخلك أنت وحدك مدى الفقد بداخلك .. كنت دائماً غير محبوبة من إخوتي لأني على حد تعبير والدتي في إحدى الأوقات .. أخذت أكتر من حقي .. لا أعرف من أين أتت تلك الفكرة .. كنت الأجمل ولكني لم أتزوج .. كنت الأذكى ولكني خريجة كلية الشعب بالتقدير الشعبي .. كنت الأكثر شعبية في العائلة والأكثر أصدقاء ........ ذهب الجميع لعائلاتهم .. وتوقفت عندي الحياة
لم أحظ بحظوة عند والدتي أبداً ولا عند إخوتي حيث أن الجميع يروني لا أحتاج لهم لأن عندي كل شئ .. حتى صديقة لي قالت أني منحت من الرزق الكثير فسألتها ماذا تريني أخذت أفضل من الآخرين ؟ قالت لي : عقل المرء يحسب من رزقه ... عجباً هذا العقل محنة ومسئولية وليست نعمة محضة هذا العقل يكلفني في حساب الله كثيرا .. يكلفني تحمل تبعات الدفاع عن غيري حتى لو قاومني هو نفسه لجهله بالخطر المحدق به .. هذا العقل يجعلك وحيداً فليس هناك من يتكلم لغته الا القليل .
كنت أعيش على حب أصدقائي ومدرسيني وأقاربي ولكن الكل أحبني لشئ ليس لذاتي .. أحبني المدرسون لتميزي الفائق دراسياً وكانوا يتوقعون أنهم يوماً سيفتخرون أنهم درسوا لي .. أغلب أصدقائي أحبوني لإخلاصي الشديد ولأنهن كن يحتمين تحت ظلال قوتي الدراسية والشخصية ويعرفون أني ملجأ لهم ضد عواصف الحياة وصاحبة رؤية لحل مشاكلهم حتى أني كنت أعلم أن بعضهن يلزموني لفترة محنة تمر بهم وسيبتعدون بمجرد تحسن أحوالهم ولم يكن ذلك يضيرني كنت أحمد الله أني أستطيع تقديم العون بدون مقابل لأي كان .
تغيرت الأحوال وأصبح لكل منهن عائلة وأصبحوا حالا أفضل وابتعدوا معتقدين أني أملك القوة المطلقة في مواجهة الحياة .. وحدي ... أخطأوا كثيراً ..
الرجال ... نعم تذوقت الحب قليلاً وعرفت ألمه كثيراً .. لأن الحب عند المرأة الكون بأسره وعند الرجل محطة في حياته .. نسمة صيف .. أغنية يستمع لها وفقط .. قليل من الرجال من يعرف معنى كلمة أحب .. قليل جداً حتى ذاك الحب قد يكون وهماً .. قد يكون الرجل أحب في المرأة الجميلة الذكية وفقط ولم يحب الإنسانة .. أحب نفسه في .. قال لي شخص مرة .. لم أعتقد أنك يوماً ستلتفتين لي أو تحادثيني .. هو أيضاً من تمنى يوما مجرد أن أحادثه مضى في طريقه :)
إذا فلتتوقف الحياة نعم فقط لتتوقف
الأصعب من فقد أنواع الحب السابقة .. أن تفقد حبك الأكبر اللانهائي .. حب الله .. حب الايمان .. نعم مازلت أحب الرسول كثيراً كثيراً ولكني لا أجد في نفسي حالياً حباً لله .. أسمع صوت الأذان يصدح فجراً ولا أقوم للصلاة لا أريد أن أتكلم مع الله لا أريد أن أقرأ القرآن .. فقط لا أريد .. فيما مضى كنت أضع رأسي على وسادتي وكلي أمان إذا ما مت لأني سألقى الله حتماً فأنا أحبه فهو يحبني فقد رزقني حبه .. كنت دائماً أتمسك بمقولة من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه .. نعم
ولكن الآن الحال اختلف كثيراً فالله يعلم أني أختنق من قلة الحب في حياتي يعلم أني لا أستطيع العيش وحدى كفاني كل تلك السنين .. اعلم في قرارة نفسي أني يوماً سأعود لأنه حبي الأول والأخير وما أحببت الحق وما أحببت بلادي وما أحببت أهلي وكل البشر إلا لحبي له .. ..كنت أترنم بأسمائه الحسني يومياً ، اشتريت أغنية أم كلثوم القلب يعشق كل جميل مع أني لست محبة للأغاني .. البعض يعتقد بإيماني الشديد حتى أن ناس كثيرون ينعتوني بأني اخوان وكأن الاخوان فقط المسلمون وبقية الشعب غير ذلك ..نعم ألتزم في كل شئ تقريباً ما عدا الصلاة .. لا أذهب للقاء الله .. قالت لي صديقة أن الله يوحد من يحب ليلجأ له وأن الوحدة نوع من الاصطفاء .. وكأن الله يأبي على عبده الذي يحبه أن يكون في قلبه حب آخر غير حب الله .. فمتى سأصل ياربي فليملأ حبك قلبي وتنزع مني حاجتي لحب البشر ........ وإلا فلتوقف تلك الحياة .. فلا علم لي بأي حال سألقاك .
لأني قد توقفت عندي الحياة .. قد توقفت عندي الحياة .. قد توقفت عندي الحياة
1 comment:
كثير ممن حولنا يعلقون علينا آمالهم و لكن يبقى مجهودنا و امكانياتنا هى الاساس
لاندع للاخرين يرسمون حياتنا و قدرتنا العقلية هى عامل وسط عوامل اخرى هى امكانيات كل فرد
و من ناحية اخرى لاننسى ابدا ان الحياة هى الامل فإذا مات الامل ماتت الحياة و اصبح الانسان ميت وسط أحياء
و عندها لابد ان نتذكر قول الله تعالى
قل يا عبادى الذين اسرفوا فى الحياة الدنيا لاتقنطوا من رحمة الله
صدق الله العظيم
او هكذا اتذكرها
Post a Comment